ديوان الشاعر :أبو العتاهية
إنْ كانَ لا بُدَّ منْ مَوْتٍ فَمَا كَلَفِي | وَما عَنائي بما يَدْعُو إلى الكُلَفِ |
لا شيءَ لِلْمَرءِ أغْنَى منْ قَنَاعَتِهِ | وَلا امتِلاءَ لعَينِ المُلْتَهي الطّرِفِ |
منْ فارقَ القَصْدَ لمْ يأْمَنْ عَلَيْهِ هوى ً | يَدْعُو إِلى البغْيِ والعُدْوانِ والسَّرَفِ |
ما كلُّ رأيِ الفَتَى يَدْعُو إلى رَشَدٍ | إذَا بَدَا لكَ رأْيٌ مشكِلٌ فقفِ |
أُخَيّ! ما سكَنَتْ رِيحٌ وَلا عصَفَتْ، | إلاّ لِتُؤْذنَ بالنْقصانِ والتّلَفِ |
ما أقربَ الْحَيْنَ مِمَّنْ لَمْ يزلْ بَطِراً | وَلم تَزَلْ نَفسُهُ توفي على شُرَفِ |
كمْ منْ عزيزٍ عظيمِ الشَّأْنِ فِي جَدَثٍ | مُجَدَّلٍ، بتراب الأرْضِ مُلتَحِفِ |
للهِ أهلُ قبورٍ كنتُ أعهَدُهُمْ | أهلَ القِبابِ الرّخامِيّاتِ، وَالغُرَفِ |
يا مَنْ تَشَرّفَ بالدّنْيا وَزِينَتِها، | حَسْبُ الفَتَى بتقَى الرَّحْمَانِ منْ شرفِ |
والخيرُ والشَّرُّ فِي التَّصْويرِ بينهُمَا | لوْ صُوّرَا لكَ، بَوْنٌ غَيرُ مُؤتَلِفِ |
أخَيَّ آخِ المُصَفَّى مَا استطَعْتَ وَلاَ | تَستَعذِبَنّ مُؤاخاة َ الأخِ النّطِفِ |
ما أحرَزَ المَرْءُ مِنْ أطْرافِهِ طَرَفاً، | إلاّ تَخَوّنَهُ النّقصانُ مِنْ طَرَفِ |
وَاللّهُ يكفيكَ إنْ أنتَ اعتَصَمتَ بهِ، | مَنْ يصرِفِ اللّهُ عنهُ السّوءَ ينصرِفِ |
الحَمدُ للّهِ، شُكراً، لا مَثيلَ لَهُ، | ما قيلَ شيءٌ بمثلِ اللّينِ وَاللُّطُفِ |