قد يكون المشاهد العادي، مقبلًا على فيلم أكشني عادي يشاهد فيه ماأراده منذ البداية، السرعة، الرصاص الكثير، والحسناء سكارليت بحركاتها التي تذكرنا بأنجلينا جولي في ذروة شبابها وأفلامها ذات الحركة والسرعة، ونعم سيحصل المشاهد على مايريده، كل هذه الأشياء متوفرة في هذا الفيلم، ولكن الأمر أبعد من ذلك، أو هو كذلك بالنسبة لي على الأقل، الفيلم طرح فركة فلسفية منذ الأزل العالم لم يجد لها إجابة، أعظم سؤال للبشرية، وهي الكون والخلق، نعم هو فيلم حركة، ولكن الجزء السؤال الذي نتوصل إليه في الفيلم هو البداية ليس بداية الفيلم بل بداية كل شيء، بدايتك أنت، بداية الأرض، بداية المجرة، بداية الكون، بداية الخلق.
يتحدث الفيلم عن سكارليت بدور لوسي، فتاة بسيطة بدون نبذة قوية عن حياتها الأساسية سوى أنها تدرس في مكان مختلف عن بلدها، وتقع بالغلط في صفقة مع عصابة خطيرة جدًا، وتتطور بسببها إلى شيء أبعد من فهم البشر والمنطق الضيق لهم. هنا تبدأ الفكرة الفلسفية التي ذكرتها في البداية – أبعد من فهم البشر والمنطق الضيق لهم – هنا الجانب الآخر الذي جعل الكثيرين يقولون بأن نهاية الفيلم ليست رائعة، هم كانوا يبحثون عن الأكشنية الخالصة البحته، وأنا وصلت لما سحبني له الفيلم، وصلت للسؤال الأعظم ليعاد طرحة مرة أخرى.
يقول مورغان فريمان بأن العقل البشري إلى يومنا هذا يستخدم 10% من قدرته فقط، ولكن مع الأسف يبدوا بأن مرجعية المخرج وكاتب النص لوك بيسون وجميع من معه لم يستمروا مع العلم إلى آخر ماتوصل له، حيث يقال بأن الصحيح هو قدرة مانستخدمه في الحركة الواحدة أو التصرف الذي يحصل في أجزاء من الثانية، هو من يأخذ أو سيتهلك 10% من قدراة المخ، أي تستطيع أن تعتبر المخ مولد للطاقة والفعل الواحد لكي تفعله ستحتاج جرعة من هذا المولد قدرها 10% فقط لأن هذا ما تحتاجه لتطبيق ذلك الفعل لا أكثر، أما عن إستخدام البشر للمخ فيقال بأننا نستخدمه بالكامل بدون أي مشاكل، وبالطبع بعضنا أفضل من الآخر في استخدامه.. ببساطة.
لذلك حينما قلت في بداية العنوان بأنها فكرة فلسفية، هي طرحت لأجل محاظرة مورقان فريمان، مالذي سيحدث لو توصل الإنسان لعلم يفوق قدرته الإستيعابية؟، لابد للعلم البشري أن يكون مصدره من البشر ومايتوصلون له في ذاك الجيل في تلك الحقبة، أما لو إفترضنا قفزة زمنية لمن عاش في أيام كان البشر فيها لا يعرفون سوى الخيام والأغنام، إلى زمن السيارات السريعة والطائرات الحربية التي بالكاد تراها من سرعتها، لكان هذا الشخص في فوضى عقلية وعدم قدره إستيعابية، هذا مجرد مثال لما هو متخيل أن يحصل حينما يحصل الشخص في الجيل الخاطئ أو الحقبة الخاطئة في القدم، نحو المستقبل. نحن القديم في هذا الفيلم، والمستقبل مروع ومهول في تساؤلاته.
أما بشكلٍ عام عن الفيلم وإخراجه وتمثيله فهو جميل وممتع جدًا كتجربة مشاهدة في السينما، وعلى الأرجح سأعجب به أقل من الجانب الأكشني إن شاهدته في المنزل، لكن كان ولازال سيستمر إعجابي فيه في جانبه الآخر الذي تحدث عن الفلسفة وداروين وأهم الأسئلة الفلسفية.
عمرو واكد المصري دوره لا بأس به ولا يتطلب الكثير من الممثل العادي بشكلٍ عام، أي الأغلبية يستطيعون إتقانه كأكل قطعة من الحلوى، ولكن رغم ذلك الأمر فخري أولًا قبل أن يكون سهل، مازال المصري عمرو يشق طريقة نحوا الشاشة الكبيرة مشهورًا بكونه ممثل لبلده وفخرًا لهم قبل نفسه، مورقان فريمان هو الشخصية المثالية لكي يلعب دور البروفسور ويتحدث عن القدرة العقلية والفلسفة الخاصة بالكون والعقل والخالق، أقول ذلك لأنه أبدع بقوة في Through the Wormhole، فكان الشخصية المناسبة لهذا الدور رغم بساطته.